الشريف الرضي وقصيدة (سئمت الزمان)
الشريف الرضي ( 359- 406 ) هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى... بن جعفر الصادق، يتصل بالنسب الشريف من جهة أمه وأبيه، وأبوه الحسين كان نقيب الطالبيين، وتولى إمارة الحج والنظر في المظالم، كما لقبه بهاء الدولة البويهي بالطاهر الأوحد. وكان والده تعرض للسجن إذ زج به عضد الدولة البويهي فيه سنة 396 لما صار سلطانا، ونقله إلى إحدى القلاع بفارس، فظل فيها إلى وفاة عضد الدولة، سنة 376، حيث أطلق سارحه ابنه شرف الدولة البويهي.
وقد كان عمر الشريف الرضي حين سجن أبوه عشر سنوات، وصار - لما أطلق - نحو ست عشرة سنة: يقول الشعر، وعليه مخايل النجابة، ويتعالى بفصاحته وبلاغته، وكان نموذجا فذا في زمانه؛ فهو حصل على قدر عال من العلوم والثقافة وتتلمذ على يد كبار علماء عصره وأدبائه كالفارسي، والخوارزمي، والمرزباني وغيرهم وخلف تراثا ضخما من النثر والشعر ووجوه الثقافة المختلفة، ومنها "المجازات النبوية"، "تلخيص البيان في مجازات القرآن".
واتصل منذ وقت مبكر من حياته بالخلفاء، وبسلاطين بني بويه، وبكثير من الوزراء، وأدرك الشريف عضد الدولة الذي سجن أباه، ومدح شرف الدولة - ابنه - الذي أطلقه، وكان لا يأخذ في مقابل مديحه عطاء.
وكانت وفاته سنة 406، ودفن بالكرخ ببغداد، فحزن عليه أخوه الشريف المرتضي وجزع جزعا شديدا؛ فهو لم يمد له في العمر أكثر من 45 عاما.
قصيدة سئمت الزمان
سَئمـْــتُ زمانــًـا تنتحيني صُروفـُهُ
وُثوبَ الأفاعي أو دبيبَ العقــــاربِ
مقام الفتى عجز على ما يضيمــــه
وذل الجريء القلب إحدى العجـائبِ
سأركبهـــا بـَـــزْلاءَ إمــــا لمـــادح
يعــــــدد أفعـــالــي، وإمــا لنــــادبِ
إذا قــلَّ عـزمُ المــرءِ قـل انتصارُهُ
وأقـلـــع عنـه الضَّيـمُ دامي المخالبِ
وضاقت إلى ما يشتهي طُرقُ نفسه
ونــالَ قليـــلا مــع كثيــر المعـــايبِ
وما بلغ المرمى البعيد سوى امرئ
يــروح ويغــدو عرضــة للجــواذبِ
وما جر ذلا مثــل نفــس جــزوعـة
ولا عـاقَ عزمًا مثل خوف العواقبِ
ألا ليت شعري هل تسالمُني النوى
وتخبـُـو همومي من قِراع المصائبِ
إلى كم أذودُ العيـن أن يستفــزَّهــــا
وَمِيضُ الأمـاني، والظنون الكواذبِ
حُسدتُ على أني قنعتُ فكيـــف بي
إذا مـا رمى عـزمي مجالَ الكواكبِ
ومــــا عِفـَّـة الإنســـانِ إلا غبـــاوةُ
إذا لـم يكـافـــحْ داءَ وَجْـــدٍ مغـالِـبِ!