الحكم بالقتل تعزيراً على والد غصون وزوجته
حُكم يوم أمس في المحكمة العامة في مكة المكرمة بالقتل تعزيراً على كل من والد الطفلة غصون وزوجته وذلك في قضية مقتل الطفلة غصون العام الماضي إثر تعرضها لتعذيب من قبل والدها وزوجته مما أدى إلى إصابات تسببت في وفاتها .
حيث أدلى والد غصون باعترافات تفصيلية حول تعذيب ابنته باستخدام عصا وسلك ولي مياه ، وأنه كان يقوم بربطها بسلاسل حديدية ويعرضها للشمس أوقات الظهيرة ، وتارة يمنعها عن تناول الطعام ، وأما زوجته فكانت تقوم بسكب "الكلوروكس" على جسدها ....
وبعد الكشف على جثتها اتضح أنها أصيبت بكسور في الجمجمة وكسور في القفص الصدري مما أدى إلى نزيف حاد ...
وكانت جريدة الحياة نشرت الأربعاء 25/4/2007 تحقيقاً ذكرت فيه :
تضاربت آراء عدد من الاختصاصيين في مجال القضاء والمحاماة، حول السيناريو النهائي لفصول قضية مقتل الطفلة غصون على يد والدها وزوجته، إذ تطالب فئة بإنزال أشد العقوبات التعزيرية بحق والد الضحية، في حين ترى الفئة الأخرى أن العقوبة لا يمكن تصل لحد القتل.
وعلى رغم تسجيل تضارب ملحوظ بين المختصين في الآراء، إلا أنهم أجمعوا على أن الأب لن يسلم من فرض عقوبة تعزيرية بحقه، حتى ولو أستند محاميه على النص الشرعي «لا يقتل الوالد بولده».
الظافري يطالب باشد العقوبة
ومن هنا طالب رئيس المحكمة الجزئية في منطقة الباحة الدكتور محمد الظافري بإنزال اشد العقوبة على والد الطفلة القتيلة غصون وزوجته، مشيراً إلى أن الشريعة الإسلامية تنص على وجود أحكام تعزيرية تصل لحد القتل، يقدرها القاضي الشرعي في المحكمة، وذلك بحسب الاعترافات وملابسات القضية.
وقال الظافري في حديث إلى «الحياة» «أطالب بإنزال أشد العقوبات على الأب المذنب وزوجته، خصوصاً بعدما اعترفا بتعذيبهما للفتاة لحد الموت». مؤكداً أن مثل هذه القضايا يحكم فيها تعزيراً ولا يؤخذ بالقاعدة الشرعية «لا يقتل الوالد بولده»، باعتبار أن ابنته أمانة لديه ولا يجوز التهاون مع من فرط بأمانته بهذه الطريقة، والتعدي عليها على هذا النحو».
وقال الظافري «من المفترض المحافظة على هذه الأمانة، والتحكم في الولاية يعني المحافظة على الأبناء وتربيتهم والتعامل معهم بشكل أنساني، وليست الولاية في الإسلام هي القهر والاستبداد وغلبة لهؤلاء القصر».
وأضاف «إذا ثبت اعتداء الأب وزوجته على الطفلة فليس هنالك ما يمنع من إصدار عقوبة تعزيرية، في الغالب لا تشمل مثل هذه القضايا النص الشرعي «لا يقتل الوالد بولده»، ولكن لابد للقاضي الناظر في القضية معرفة الملابسات وحيثيات القضية كافة والأسباب التي أدت إلى وفاة الطفلة».
لافتاً إلى أن الحكم وتقدير العقوبات التعزيرية في هذه القضايا يتوقف على مطالبة المدعي العام ونوعية القضية المنظورة في المحكمة.
مؤكداً أن «الحكم سيكون في منتهى الدقة خصوصاً وأن هذه الإحكام يتم تدقيقها من هيئة التمييز ومجلس القضاء الأعلى».
من جانبه توقع المحامي خالد أبو راشد أن ينال والد غصون حكماً تعزيرياً، ولكن لا يصل إلى حد عقوبة القتل.
وقال «إن الأحكام التعزيرية في الشريعة الإسلامية تبدأ من حد التوبيخ وتصل إلى حد القتل، ولكن في قضية والد غصون وزوجته من المتوقع عدم صدور حكم تعزيري بالقتل».
وارجع ذلك إلى «أن القتل أو موت الطفلة، أن صح التعبير، حصل بالخطأ وليس قتل عمد».
وقال «ثمة مسألة مهمة متعلقة باعترافات والد الفتاة فكما هو معروف اعتراف الوالد بضربها وتعذيبها هو وزوجته ومن هنا يصعب استباق حكم القاضي، ولكن هنالك عقوبة جنائية ستصدر في حق الجاني وزوجته، والاختلاف في تقدير الحكم التعزيري يرجع للقاضي الناظر في القضية».
منوهاً أن هنالك أموراً لابد من حسمها من قبل القاضي، كاستخدام آلة حادة في تعذيب الفتاة حتى يمكن أثبات نية القتل و ما يتريب على ذلك من أحكام.
وأكد أبو راشد على نيل الجاني عقوبة تعزيرية شديدة في القضية المنظورة حالياً في محكمة مكة المكرمة، وتقدير تلك العقوبة يرجع للقاضي.
من جهة علق المحامي عدنان الصالح على القضية بقوله «هذه القضية منـظورة شرعاً واجتهاد القاضي في معرفة ملابسات القضية والسبل التي تكفل إثبات الجريمة وإيقاع العقوبة على مرتكبيها أمر مهم وهو المرجو في تحقيق العدالة».
وأضاف «العقوبات في الشريعة الإسلامية ثلاثة أنواع : هي الحدود، والقصاص، والتعزير»، مشيراً إلى أن القصاص وهو النوع الثاني من أنواع العقوبات في الإسلام والمقصود به (أن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه فإن قتله قتل وإن قطع منه عضوا أو جرحه فعل به مثل ذلك إن أمكن ما يؤدي إلى وفاة الجاني والنظر في ذلك يرجع إلى أهل الاختصاص».
وأضاف «وللقصاص قواعد عدة من أهمها، أن القصاص لا يستحق إلا في القتل العمد أو الجرح العمد أما الخطأ فلا يستحق فيه القصاص. قال الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى» وقال تعالى «والجروح قصاص».
أما في جرائم الاعتداء على الأشخاص قد جعل الإسلام لإرادة المجني عليه أو أوليائه دوراً أساسياً في منع وقوع العقاب على الجاني حيث قرر جواز العفو وأنه من حق المجني عليه بل ندبه إلى ذلك وأجزل له الثواب في الآخرة، فمن تصدق به فهو كفارة له ، فله أن يعفو عنه إلى الدية أو مطلقا من غير عوض دنيوي .
قال الله تعالى «وأن تعفوا أقرب للتقوى»
وعن الحكم المتوقع في حق والد غصون وزوجته قال الصالح «إن توقيع العقاب وتنفيذه تتولاه السلطة العامة، ولي الأمر في حال تورط والد القتيلة وزوجته الثانية من خلال اعترافهما باستخدام العنف معها فالحكم الشرعي على والدها تعزيري بالسجن والجلد ولا يمكن أقامة حد القصاص به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يقتل والد في ولده»، أما في ما يتعلق بالزوجة الثانية ففي حال تورطها رسمياً فيقام عليها حد القصاص شرعاً».