تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً
تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً
أحمد ياسين الخياري ص 100-103
تعليق:عبيد الله أمين كردي
مطابع دار العلم ط1 ـ 1410هـ 1990م
مسجد الغمامة وسر تسميته بهذا الاسم:
عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي فبدأ بالخطبة ثم صلى وقال: " هذا مجمعنا ومستمطرنا ومدعانا لعيدنا لفطرنا وأضحانا فلا يبنى فيه لبنة ولاخيمة ".
وبعد دعاء الاستسقاء ظللته الغمامة ونزل عليه المطر إجابة لدعائه فلما ظللته الغمامة عقب الدعاء أطلقت عليه الصحابة اسم مسجد الغمامة ومعنى هذا الاسم الرمزي سرعة إجابة الله لدعاء رسول الله عليه صلوات الله وسلامه.
تاريخ مسجد الغمامة:
قال الواقدي: أول عيد صلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين من مقدمه المدينة من مكة وحملت له العنزة (1) وهو يومئذ يصلي إليها في الفضاء وكانت العنزة وكانت العنزة للزبير بن العوام أعطاه إياها النجاشي فوهبها للنبي صلى الله عليه وسلم فكان يخرج بها بين يدي الأئمة في زمانهم.
يقول ابن شبة عن أبي غسان الكناني أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه فيما رواه الإمام السمهودي المؤرخ: إن المصلى كان مبنياً بصفة مسجد في القرن الثاني الهجري.
وقد ورد في التاريخ أن الخليفة الوليد بن عبد الملك الأموي أمر عامله على المدينة المنورة بأن يعمر كل مصلى ثبت عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه فهرع بالأمر وعمر هذه المساجد الأثرية
النبوية كلها تعميراً جيداً متقناً فما يدرينا لعله عمر هذا المسجد العظيم المأثور كما عمر غيره من المساجد وهل يعقل أن يعمر المساجد المأثورة ويترك هذا المسجد الضخم، فعلى هذا يكون قد بدئ بتعميره كمسجد في القرن الأول أو في أوائل القرن الثاني كما تقدم لأن عمارة المسجد النبوي للوليد بدئت عام 88 هـ وانتهت عام 91 هـ فإما أن يكون عقب انتهاء تعمير المسجد النبوي باشر العمال في تعمير مسجد الغمامة هذا، ورآه أبو غسان الكناني عامراً في القرن الثاني الهجري أي بعد تعميره بزمن وعلى هذا فيكون تعميره مع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في القرن الأول أي في آخره وهذا هو الذي أميل إليه.
وإما أن يكون تعميره بدأ في القرن الثاني أي في أوله واستمرت إقامة صلاة العيدين فيه إلى أواخر القرن التاسع وكانت حكام المدينة المنورة وأمراؤها يتداولون عمارته حتىعمره السلطان حسن ابن السلطان محمد بن قلاوون ما بين عام 748 هـ إلى عام 752 هـ ثم رممه الأمير بردبك المعماري عام 861 هـ في دولة الأشراف ثم اعتنت به الحكومة العثمانية كثيرا وآخر عمارة له في عهدها كانت في زمن السلطان عبد الحميد خان ثم اعتنت به الحكومة السعودية السعيدة كل الاعتناء.
--------------------------
(1) هي عصا أقصر من الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير، وعادة تكون مهذبة وفي نهايتها حديدة.